كتبت /نجلاء فتحي
أعلنت وزارة الثقافة فتح أبواب متحف راتب صديق، التابع لقطاع الفنون التشكيلية، أمام الجمهور، وذلك في إطار مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير.. ولسه متاحف مصر كتير»، ضمن سلسلة من الفعاليات التي تُقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتهدف إلى التعريف بكنوز المتاحف المصرية الفنية والثقافية، وتعزيز دورها في نشر الوعي والجمال.
ويُعد متحف راتب صديق أحد المعالم الثقافية البارزة، لما يمثله من قيمة فنية وحضارية تعكس تطور الحركة التشكيلية المصرية عبر أجيال متعاقبة.
من منزل فنان إلى منارة ثقافية
تعود قصة المتحف إلى عام 1994، عندما تبرع الفنان الراحل محمد راتب صديق بمنزله الكائن بمحافظة الجيزة، والمقام على مساحة 4200 متر مربع، لصالح وزارة الثقافة، ليتم تحويله إلى متحف يضم أعماله الفنية. وظل المكان مغلقًا لما يقرب من عقدين، قبل أن تبدأ عملية تطويره عام 2013، ليُعاد افتتاحه رسميًا في عام 2014 كمركز ثقافي وتنويري يخدم المجتمع المحلي.
طراز معماري مميز ومقتنيات نادرة
ينتمي مبنى المتحف إلى مدرسة المعماري المصري الكبير حسن فتحي، حيث يجمع بين الأصالة المعمارية والوظيفة الثقافية الحديثة. ويضم المتحف 146 عملًا فنيًا نادرًا للفنان راتب صديق، بالإضافة إلى أعمال زوجته الفنانة التشكيلية عايدة شحاتة.
كما يضم المتحف قاعات للورش الفنية الدائمة في مجالات متعددة، من بينها الرسم، والتصوير، والجرافيك، والخزف، والحرف التراثية، إلى جانب أفران متخصصة للخزف، وقاعة للمعارض المؤقتة والندوات، ومكتبة للأطفال، ومسرح مكشوف، ومركز وثائقي للفن المصري المعاصر، فضلًا عن المباني الإدارية والمخازن والكافتيريا.
فنان آمن برسالة الفن
وُلد الفنان محمد راتب صديق عام 1917 بمحافظة الجيزة، وبدأ مشواره الفني بدراسة الفن التشكيلي في لندن عام 1936، ثم واصل دراسته في باريس. وأسهم في التدريس بالسودان قبل عودته إلى مصر، ليصبح أحد أبرز رموز الحركة التشكيلية، وتولى رئاسة أتيليه القاهرة لسنوات طويلة، وشارك في العديد من المعارض المحلية والدولية.
وحصل الراحل على عدة جوائز وتكريمات، من بينها وسام الخدمة الإنسانية من فرنسا عام 1988، وتميزت أعماله باستلهام القيم الإنسانية والدينية والتراثية.
إرث فني متواصل
يمثل إهداء الفنان لمنزله ومجموعته الفنية، إلى جانب تراث زوجته، لوزارة الثقافة، أحد أهم إنجازاته بعد رحيله عام 1994، حيث تحوّل المتحف إلى مساحة مفتوحة لخدمة الجمهور. كما خصص وديعة مالية لدعم المبدعين الشباب من خلال جائزة سنوية، تأكيدًا لإيمانه بدور الفن في صناعة المستقبل.
ويواصل متحف راتب صديق اليوم أداء رسالته كمركز للإبداع وملتقى للفنانين والمثقفين، ومنارة لاكتشاف المواهب ودعم الحركة الفنية المصرية.